السؤال:
قال (عز وجل) في سورة يوسف: {وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
فنود سيدي ومولاي لو تشرح لنا ما هي الحاجة التي كانت في نفس يعقوب (ع) ؟
جواب الإمام أحمد الحسن:
{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
لقد علم يعقوب (ع) من الله أن بنيامين سيفقد كما فقد يوسف (ع)؛ ولذا أخذ عليهم عهداً أن يعيدوا بنيامين واستثنى {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُم}، وكان يعلم أنه سيحاط بهم، بل وفي هذه الآية: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} أراد تفرقتهم لعل بنيامين ينجو ويعود إليه؛ لأنه يُعرف بأخوته وهم عدد يلفت الأنظار.
ومع هذا فإنّ يعقوب يعلم إنّه لن ينفعهم بهذا كثيراً؛ لأنّ مشيئة الله كائنة ولم يكن تعليم يعقوب لأبنائه: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}، ولكن ماذا ينفع حذر يعقوب ؟!!! أمام تقدير وقضاء الله سبحانه وتعالى: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}، ويعقوب (ع) يعلم هذا أيضاً: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ ء}، ولكن أراد أن لا يهمل العمل بالممكن للحفاظ على بنيامين والنتيجة فإنّ مشيئة الله هي الكائنة: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
وبعد هذا كله فإنّ يعقوب ذو علم ومعرفة من الله سبحانه وتعالى وقد عمل على قدر علمه ومعرفته: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
ولكن فوق يعقوب ذي العلم يوسف (ع) العليم فكانت النتيجة أنه: {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} ولم ينفع تدبير يعقوب (ع) ليعود إليه بنيامين: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}.
المصدر:
الإمام أحمد الحسن كتاب الجواب المنير عبر الأثير الجزء الثالث.
اقرأ أيضا:
إضاءة من علم نبي الله يعقوب (عليه السلام)
ماهي الحكمة من دخول نبي الله يوسف (عليه السلام) السجن ؟
ماهو سر قميص نبي الله يوسف (عليه السلام)
لماذا قتل قابيل هابيل (عليه السلام)؟
كيف مس الشيطان نبي الله أيوب (عليه السلام)؟
إضاءة من إخلاص داوود (عليه السلام)
ماهي العلة التي من أجلها تزوج النبي يوسف (عليه السلام) زليخا ؟
إرسال تعليق