بسم الله الرحمن الرحيم
يعتقد الكثير من الناس أن نظرية التطور تتعارض مع الدين، بينما الحقيقة أن نظرية التطور متوافقة تماما مع الدين، وسنورد في هذا المقال جميع الأدلة على ذلك سواء كانت من القرآن أو من الأحاديث والروايات الشريفة.
الأدلة من القرآن على صحة نظرية التطور:
قال تعالى : { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16) وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتا} [نوح 14 – 17]
وهذه الآية { وقد خلقكم أطوارا } تؤيد التطور بوضوح تام لا ينكره إلا شخص معاند للحق.
لكن الإشكال الذي وقع بسببه الجدال هو قصة خلق آدم (عليه السلام)، بحيث يظن الملحدون والمؤمنون على حد سواء أنها تعارض التطور، وهذا بسبب الفهم والتفسير الخاطئ لآيات القرآن، وتفسير وتأويل القرآن ليس لجميع الناس ولا حتى من يدعون أنهم علماء المسلمين، بل التفسير يختص به الراسخون في العلم فقط وهم خلفاء الله في أرضه،
قال تعالى :
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران:٧].
في الحقيقة فإن آدم عليه السلام هو ليس جسد فقط بل هو جسد ونفس ، والقرآن الكريم تعرض لخلق نفسه وخلق جسده،
الآيات التي تخص خلق نفس آدم (عليه السلام):
خلق الله سبحانه نفس آدم (عليه السلام) في السماء (الأولى) أو الجنة الملكوتية ، والجنة هي سماء أنفس وليس أجساد،
قال تعالى:
{ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَٰحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِيرࣰا وَنِسَآءࣰۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبࣰا }. [ النساء: 1].
وهذه الآية التي تدل على أن الله خلق آدم (عليه السلام) دفعة واحدة (وليس على أطوار) وخلق منه زوجه وذريته كلهم، واضح أنها حول خلق نفسه : { ...خلقكم من نفس واحدة..} ، ثم نفخ الله في هذه النفس من روحه، لينزل لاحقا هذه النفس إلى جسد آدم الأرضي والذي تطور عبر ملايين السنين حتى وصل إلى مرحلة أصبح دماغه فيها (أو آلة الذكاء) قادر على استيعاب واستقبال رسالة الله إلى أهل الأرض، وهذا الإنسان الذي بث الله فيه من روحه هو الإنسان العاقل (الحديث) أو ما يطلق عليه العلم الحديث تسمية : الهوموسابينس، فآدم (عليه السلام) هو ليس أول إنسان على الأرض بل هو أول إنسان عاقل نفخ الله فيه من روحه لينتقل بذلك الإنسان من الحيوانية البهيمية والتوحش والأنانية (الجينية) إلى الإنسانية والأخلاق العالية والتضحية والإيثار (المحايد).
والقرآن يدل على هذه الحقيقة وبأن آدم (عليه السلام) سبقه خلق على الأرض وكانوا يسفكون الدماء فيما بينهم :
قال تعالى:
{ وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلࣱ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةࣰۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ}. [ البقرة 30].
الآيات التي تخص خلق جسد آدم ( عليه السلام):
قال تعالى :
{ وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا } [ نوح: 14].
وهذه الآية كما قلنا سابقا بأنها واضحة جدا و تؤيد التطور بوضوح.
الأدلة من الروايات على صحة نظرية التطور:
عن محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليه) قال: { لقد خلق الله عز وجل في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله عز وجل أبا هذا البشر وخلق ذريته منه } [الخصال – للصدوق ص 359].
فالإمام الباقر (عليه السلام) يقول في هذه الرواية بأن آدم (عليه السلام) لم يكن أول إنسان خلقه الله في هذه الأرض بل سبقه بشر آخرون ، وهذا ما بينته الإكتشافات الحديثة ، مثل الهوموارتكس وإنسان النياندرتال وغيرهم من أسلاف الهوموسابينس.
المصدر:
مقتبس من كتاب وهم الإلحاد للسيد أحمد الحسن
إرسال تعليق