U3F1ZWV6ZTE2MjkyMjc4MjkxMjIzX0ZyZWUxMDI3ODU3Nzk1MzI4Ng==

ماهي أسباب موجة الإلحاد التي اجتاحت العالم اليوم وخصوصا المجتمعات العربية؟


سنعرض في هذا الموضوع أهم أسباب انتشار الإلحاد التي ذكرها السيد أحمد الحسن:


 ... أعتقد أن الفضول أو البحث عن إجابات مقنعة أكيد هو سبب رئيسي لانتشار أي فكر أو ثقافة أو سلوك في المجتمع الإنساني عموما. فالإنسانية وصلت إلى ما هي عليه اليوم من معارف وعلوم بسبب الفضول الإنساني. ولهذا أقول ربما أهم أسباب انتشار الإلحاد تعود إلى أن الإنسان بطبيعته كائن فضولي ويريد أن يعرف كل شيء ويبحث عن إجابات وإذا لم يقتنع بالإجابة يبقى في حالة بحث مستمرة. والدين أو رجال الدين إذا لم يقدموا الاجابات المقنعة والصحيحة والدقيقة للناس فكثيرون سيبحثون عن الإجابة الصحيحة والدقيقة والمقنعة في جهة اخرى.

واليوم العلوم الاساسية كالفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء بعد أن تسببت بهذا التقدم العمراني والتكنولوجي والصحي الكبير اصبحت تتمتع بثقة عالية في المجتمع الإنساني ومع مستوى التعليم الأكاديمي المرتفع عموما ومع توفر شبكة المعلومات اصبح الحصول على المعلومات واستيعابها يسير جدا لمن يريد فعلا الوصول إلى المعلومة والحقيقة. يعني باختصار يمكن أن نقول أن سبب رئيسي للإلحاد هو عدم وجود إجابات صحيحة ومقنعة لدى رجال الدين حول القضايا العلمية المعاصرة المرتبطة بنشوء الكون أو ظهور الحياة وتطورها وصولا إلى ظهور الإنسان على كوكب الأرض وأيضا اعتقادهم أن الدين يتنافى مع بعض الأمور التي أصبحت علميا تعد من مبادئ العلوم الأساسية، فبالنسبة لبعض رجال الدين ليت الأمر اقتصر على عدم وجود الإجابات بل إن مواجهة بعض رجال الدين للإلحاد العلمي هي مواجهة بائسة ومزرية ومخجلة حقيقة وهي سبب إلحاد كثيرين أيضا يعني كمثال يردون نظرية التطور المثبتة اليوم بأدلة علمية قطعية في علم الجينات بإشكالات تافهة حد الإسفاف، وهكذا طرح عندما يواجه به شخص مطلع على علم الأحياء التطوري سيجعله يشفق على حال من يواجهه به وما هو عليه من جهل وربما سيجعله يبتعد عن الدين والإيمان تماما. بل نستطيع أن نقول أن رجال الدين عندما يقولون إن الدين يتعارض مع نظرية التطور يقدمون ـ كما قلت ـ يقدمون أكبر هدية للمنظرين للإلحاد لأنهم يستطيعون اثبات أن نظرية التطور صحيحة ولا غبار عليها اليوم، وبالتالي يتوصلون إلى نتيجة أن ما يتعارض معها هو الباطل وفي حالتنا طبعا هو الدين ووجود إله.

أيضا أحد أسباب الإلحاد هو الطرح الديني المتناقض أو الركيك، الطرح العقائدي والطرح الإيماني والذي يستغله الملحدون للطعن بالدين ـ ولا أريد أن أدخل في هذا الموضوع لأنه واسع جدا ـ هذه الأمور طبعا تشمل الجميع.

أما المسلمون السنة بالخصوص سواء كانوا ناطقين باللغة العربية أم بأي لغة اخرى فأعتقد هناك سبب اضافي أيضا وهو ما فعله ويفعله السلفيون من جرائم، فهؤلاء دينهم قائم على تكفير وقتل وانتهاك حرمة من يخالفهم متى ما سنحت لهم الفرصة، وقد سنحت لهم الفرصة هذه الفترة، ولكن تحت مراقبة عدسات الكامرات المتوفرة في كل مكان والتي تنقل كل ما يفعلون من جرائم والعالم يشاهد هذه الجرائم ويشاهدهم أيضا وهم يبررونها بأنها من الإسلام السني أو جزء من قانون الإيمان عندهم باعتبار انها مستندة لنصوص أو لتصرفات الحكام الذين يقدسهم السنة، مثل احراق الإنسان وهو حي، فقد فعلها أبو بكر بالفجاءة السلمي وكررها السلفيون اليوم وطبعا هذا جعل كثيرون ينفرون من دينهم، فبعض السنة شكلت لهم هذه التصرفات صدمة لم يتمكنوا من استيعابها فتوجهوا أما إلى دين آخر أو للإلحاد وأخذوا يطعنون بالإسلام وبالقرآن وبالرسول ويتهمونه بهذه الجرائم.

أما بالنسبة لمواجهة الإلحاد فأعتقد الإلحاد العلمي قضية فكرية وعلمية وهي تحتاج لمواجهة فكرية وعلمية، وهذه هي القضية الأهم والمحورية والتي يجب التركيز عليها ـ يعني أقصد الإلحاد العلمي ومواجهته علميا ـ وطبعا لابد أن تكون المواجهة بعد تصحيح الأخطاء الموجودة لا بالإصرار عليها، وليس عيبا أن تتم مراجعة الموروث الديني وتدقيقه ونقده بإنصاف وحيادية علمية ولكن العيب أن يستمر الإنسان في اللجاج والعناد والمكابرة والإصرار على منهج متهرئ مليء بالتناقضات، وأعتقد أن معهد الدراسات العليا يمكنه العمل بهذا الاتجاه لتوعية الناس وتعريفهم بالحقائق كما هي ورفع مستواهم المعرفي عموما .. نعم.

أما بالنسبة للجهات التي تسيء للدين من خلال ارتكابها للجرائم باسم الدين، فأعتقد الحل هو بيان براءة الدين منهم ومن سلوكهم، وكذلك توضيح حقيقة المسائل التي ينسبونها للدين مثل كون بعضها غير صحيحة أو انهم اخطئوا بالتأويل أو ما شابه، وطبعا البراءة بتحديدهم وتشخيصهم بعقائدهم وبمنابعهم، فغير صحيح ترديد بعضهم هذه الأيام مقولة "الإرهاب لا دين له" فهذه مقولة خاطئة وغير صحيحة ولا يقبلها شخص يمتلك عقل ويمكنه التفكير ويحترم عقله، فالإرهاب اليوم له دين وعقيدة وهي السلفية الوهابية ومنبعها السعودية، وحتى يمكن أن نقول أن كل سلفي وهابي هو إرهابي أو مشروع إرهابي مستقبلي، وقد كررت هذا الأمر مرارا. فهذه هي حقيقة عقائدهم وفتاوى كبار علمائهم ولا يمكنهم التنصل منها، وقد قامت دعوة ابن عبد الوهاب على أن من يخالفون دينه الوهابي فهم مشركون وقد استحل هو وآل سعود قتالهم ودماءهم ويمكنكم الاطلاع على تاريخ نجد لابن غنام، مؤرخ الدين الوهابي المعروف والذي يستهل كتابه بتكفير المسلمين ويأخذ بتعداد البلدان الإسلامية بلدا بلدا، فيعدد القطيف والبحرين ومصر والموصل وبغداد ويتكلم عن عامة السنة على أنهم مشركون لأنهم يزورون القبور، كقبر أبو حنيفة والزبير الخ.. هذا فضلا عن الشيعة الذين قامت الدعوة الوهابية على معاداتهم وعموما إذا كان بعضهم اليوم يريد تغيير منهجهم الإجرامي فعليهم أن يتبرؤوا من السلفية الوهابية ويقوم بطرح سلفية تفتي بتجريم انتهاك دماء المخالفين لهم.

انا أكتفي بهذا الكلام بخصوص السلفية الوهابية وجرائمهم، ولكن أعتقد الموضوع يحتاج حملات منظمة لتعرية إرهاب وإجرام الدين السلفي الوهابي الإرهابي عالميا حتى لا تختلط الأمور، ويعرف الناس في الغرب والشرق أن الدين السلفي الوهابي هو عبارة عن دين مبني على الجريمة والقتل والاعتداء على الآخرين، وأيضا حتى يتبين أن هؤلاء يمثلون المنهج السفياني الأموي المعادي للإسلام منذ أول يوم بعث فيه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، في حين الإسلام الحقيقي متمثل بآل محمد فهم ورثة النبي محمد صلى الله عليه وآله نبي الإسلام.》.


المصدر:

اللقاء المباشر مع السيد أحمد الحسن (مؤلف كتاب وهم الإلحاد) حول قضايا الإلحاد.


مواضيع مشابهة:

كيف يمكن إثبات وجود الله لشخص ملحد أو مادي؟

هل نظرية التطور تعارض الدين؟

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة