U3F1ZWV6ZTE2MjkyMjc4MjkxMjIzX0ZyZWUxMDI3ODU3Nzk1MzI4Ng==

من هم الراسخون في العلم؟


قال تعالى :

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران:٧].

من هم الراسخون في العلم؟

اختلف المسلمون في تفسير هذه الآية ، كما اختلفوا في أمور الدين ، وانقسموا تبعا لاختلافهم هذا إلى فرق ومذاهب وطرق.


فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحذيره لأمته من الإختلاف بعده ، بعد أن تركهم على المحجة البيضاء :


روى ابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال:  《 قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد 》.

  قال الشيخ  الألباني : صحيح.


فقال علماء السنة أن الراسخين في العلم هم علماء المسلمين المتفقهين في الدين ، بينما خص أتباع أهل البيت الراسخين في العلم بأنهم الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام).


والحقيقة أن هذا الموضوع خطير جدا، وعدم تمييز المسلم للراسخين في العلم الحقيقيين الذين يعلمون تأويل القرآن وبالخصوص تأويل الآيات المتشابهة أدى بهذا الأمة إلى فتن خطيرة، وآخر فتنة شهدناها في عصرنا هي فتنة تأويل علماء السلفية الوهابية كابن عثيمين وابن تيمية وغيرهم لبعض آيات القرآن بأنها دعوة إلى تكفير وقتل الكثير من الناس سواء كانو مسلمين أو غير مسلمين ، والجميع شهد جرائمهم المروعة وكيف أنهم يستندون لنصوص من القرآن لتبريرها.


هذا المقال هو بحث مختصر وميسر يثبت من هم الراسخون في العلم الحقيقيون بأدلة من القرآن وأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).


الراسخون في العلم هم خلفاء الله في أرضه:


والدليل على هذا الكلام هو الحديث الذي ذكرته سابقا، حيث يأمر الرسول (ص) أمته باتباع الخلفاء الراشدين المهديين من بعده لكي لا يختلفوا ويتفرقوا من بعده.

وأول خليفة لله على أرضه هو آدم (عليه السلام)، وأهم شيء ميز آدم (ع) على إبليس العابد والملائكة المعصومين هو العلم.


قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة:٣١ - ٣٣].


ولكل زمان خليفة لله في أرضه، وهذا الأمر بينه الله سبحانه في القرآن حيث قال: { إنّي جاعل في الأرض خليفة}.

وهذا الجعل مستمر ، وأنبياء الله عليهم السلام كلهم خلفاء لله في أرضه، قال تعالى: 


{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}. [ سورة ص: 26].


وقال تعالى عن نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم):

{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[ الفتح: 10].

والبيعة إنما تكون لخليفة الله سبحانه.


وزوّد الله خلفاءه في أرضه بالعلم اللازم لتدبير شؤون عباده والحكم بينهم بالقسط والعدل:


فقد قال الله عن يوسف (عليه السلام):

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }. [يوسف (22)].


وقال عن موسى (عليه السلام):

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [ سورة القصص: 14]


وقال عن لوط (عليه السلام):

{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ}.

[ الأنبياء: 74]


وقال عن سليمان وداوود (عليهما السلام):

{فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ ...} [ الأنبياء: 79]


وقال عن عيسى (عليه السلام):

{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ} [ سورة آل عمران: 48]



وقال عن نبيه الكريم محمد (ص):

{...وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [ النساء: 113].


وهذه الآيات هي نظير آية تعليم الله لآدم (عليه السلام) والتي أهلته أن يكون خليفة لله في أرضه:

{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا...}.


إذن النتيجة التي خلصنا إليها من القرآن والأحاديث النبوية الشريفة أن أنبياء الله هم خلفاء الله الذين خصهم الله بعلم الكتاب والحكمة وميزهم بهذا العلم عن غيرهم ، والدليل في هذه القصة المعروفة:

وهي قصة جلب عرش بلقيس لنبي الله سليمان عليه السلام، حيث جلبه الذي عنده علم الكتاب في طرفة عين:


{ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} 

[ سورة النمل: 40].


والذي عنده علم من الكتاب هو آصف ابن برخيا خليفة نبي الله سليمان بعده، والنبي سليمان عليه السلام كان قادر على جلب عرش بلقيس لكنه أراد ان يبين للناس علم وفضل آصف عليه السلام وبأنه خليفته من بعده لأن خليفة الله هو أعلم الناس بالكتاب (الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ).


عن الإمام الهادي (عليه السّلام) قال: 《 الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ آصف بن برخيا، و لم يعجز سليمان عليه السّلام عن معرفة ما عرفه آصف، لكنّه أحبّ أن يعرف الجنّ و الإنس مقامه، و أنّه الحجّة من بعده، و ذلك من علم سليمان عليه السّلام أودعه آصف بأمر اللّه تعالى، ففهّمه اللّه تعالى ذلك؛ لئلّا يختلف في إمامته و دلالته».


والحقيقة التي يجهلها أغلب المسلمين هو أن لكل زمان خليفة لله في أرضه، يحكم بشريعة الله وهي شريعة العدل والرحمة ، ويعلمه الله الكتاب والتأويل ، وهو وفقط هو من يفتي في الأمورالمستجدة، لأنه متصل بالله ويوحي الله إليه مباشرة، فالفتوى ليست اجتهاد ممن يدعون أنهم علماء ، وإلا لأصبحوا هم أرباب يحللون ويحرمون،

عن أبي بصير قال:  سألت أبا عبد الله (الإمام الصادق) (عليه السلام) عن قول الله: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون.


 لكن الفتوى هي وحي من الله لخلفائه ، فالله هو من يشرع وخليفة الله ينفذ شريعته في أرضه.

لذلك فالواجب هو اتباع خليفة الله في كل زمان ، وليس الإعراض عنهم واتباع العلماء وفتاواهم التي سببت ولا زالت تسبب الفتن لهذه الأمة لأنها لم تتمسك بالخلفاء الراشدين المهديين من بعد النبي (ص) ، وهم الأئمة من أهل بيته (عليهم السلام)، وأولهم علي ابن أبي طالب الذي ميزه الله بالعلم أيضا ، حيث ورد عن النبي (ص) قوله:


《 أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب》(الحاكم النيسابوري ج 3، ص 126).


《 أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه》(ابن عبد البر، ج 3، ص )1102.


《 أنا دار الحكمة، وعليُّ بابها》(الترمذي، ج 5، ص 637).


《 أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب》(مناقب الخوارزمي 40).


قال الإمام الصادق (عليه السلام): 

《 نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله》.

《 الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهم السلام》. ( الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢١٣).


تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. الخلفاء الراشدين بعد الرسول ابو بكر وعمر وعثمان وعلي لم يحدد أهل البيت

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة